صادف ذات يوم أنني كنتُ عائدًا في وقت متأخر إلى 6 أكتوبر، حينما ظهرتْ لي فَجْأَة شرموطة عَاملة بالزي الرسمي، عباية سوادء دون طرحة، بل شعر أسود تسقط منه “قُصة” على جبينها، وتَحمل بالطبع حقيبة ضَخمة جدًا ذات لون فسفُوري.
للدقة فقد تجاوزتها ببطء وأخذتُ أرَاقبها من خلال مرآة السيارة وهي تنظر للسيارة. توقفتُ وعدتُ بالسيَارة إلي الورَاء. أغلقتُ الموسيقى. أنزلتُ الزُجاج وبكل براءة وأدب طفل سعيد: “حضرتك، رايحة مكان؟ تحبي أوصلك؟“
باختصار ركبتْ، وكانتْ تريد الذهاب إلي الحي 12، وهو بعيد عن منطقة سكني حاليًا، لكن قضيتُ فيه فترة طويلة أيام سنوات الدراسة الجامعية، بالتالي كان لدي شوق وحنين قوي لزيارة مرابع الشباب، ثم سألتُها: “أنت رايحة فين في الحي الاتناشر؟” فردتْ، وهي تعبث في حقيبتها: “عند الكشك الأخضر“.
سَقَطَت نظرة من عيني على صدرها الكبير، الذي ظهر جزء منه من “تقويرته“، ثم عدتُ ونظرتُ بتركيز إلى الطريق تفاديًا لأي مطب قد يظهر من تحت الأرض، أو يسقط من السماء، انتبهتُ لحركتها فنظرتُ فإذ بالشرموطة قد أخرجتُ سكينًا ناصعةً، ووضعتْ طرفها على حافة معدتي وهي تصرخ: “وقف العربية على جنب يا ابن المتناكة“.
نظرتُ للسكين، ثم لها، تمامًا كما الأفلام، وابتسمتُ في ثقة مكملًا القيادة بهدوء: “إيه دا يا وزة؟“، نغزتْ طرف السكين الضخمة أكثر في خصري، ثم نزلتْ به مرورًا بفخذي، حتى أصبح السكين بين فخذيّ، وطرفه ينغز بالضبط في زبري المنكمش خوفًا.
—— —
من قصص مجموعة لغز المهرجان المشطور