يعود هذا النص إلي أرشيف المدونة عام 2006، أعيد نشره هنا لأغراض شخصية وللحنين إلي المستقبل القادم
ماذا الآن؟!
و هاأنا قد صرت أب. لدى طفلة جَميلة عُمرها ست أيام، و مهنة طَيبة، و حيَاة صَاخبة مَليئة بالقفزِ و الجري و المُشَاغبات و الاستفزاز و اللعب و المرح و الشجن الذي لا ينتهى، كيف من المفترض أن أصبح أب؟ هذه مشكلة لكن حكايتي شرح يطول.
السبت المَاضي، كان لدى عمل طويل و مهَام أكثر يجب إنجَازها، و في المسَاءِ حفلة وداع خَالية من الكحول لعدد من الأصدقَاء، و حين عدت للمنزل في السَاعةِ الثانية، نَظرت لي في تأنيب و أنا اكتشفت أنى قد نسيت شرَاء الدواء و الحضور بَاكراً لأن هناك طفله يفترض بعد سنتين أن تقول لي بابا؟ حسناً لدى الآن اعترَاف…لستْ نَادماً على شيء لقد عشتُ حيَاتي كما أحببت و قدمتُ التنَازلات و التَضحيات التي رأيت أنها لن تؤثر كثيراً على سلامي الدَاخلي، كرهت السبَانخ، و أحببتُ الفاصوليا و البامية، أكلت الكافيار و لم أحبه و فضلت الجمبري و البورى و كميات ضخمة من البطاطس المحمرة، لم أحب الكابتشينو و فضلت القهوة باللبن دائماً أحببت ثلاث فتيات و أبحرت في أربع علاقات عاطفية، و لم أنتظر كثيراً حتى أجد حبي الكبير المبنى على الهندسة العقلية و المدعم بالخيَالِ و المرحِ و المُنتج بعد ذلك للبهجة التي لا أزال أيعيش فيها إلى الآن.
أنا اعترف.. لا تقاطعني من الخطأ أن تقاطع مدون حين يبدأ في الاعتراف بحياته السرية التي لم يكتب عنها من قبل، أسمي أحمد و عمري 27 سنة، لست نادماً حتى الآن على نصف القرن هذا. لم أكره أحد بشكل مطلق فشلت في ذلك، انزعجت من بعض الأشخاص و اتبضنت من البعض، لكن من آذوني بشكل قاسي تلمست لهم العذر ..ماذا يمكن أن تقول مريض نفسي بقي هاهاهااه…
أصبت طبعاً بالاكتئاب و الملل و بصقت كثيراً في الشارع و رميت أعقاب السجائر و أكياس الشبيسي على الأرض، و لم أحب شيء في الحياة مثل حبى للصحبة الحلوة …و البركة في اللمة.
كثيرا ما اتبضنت من الرسائل التي يكتبها البعض لأولادهم، يعنى يبدأ الكاتب هكذا ((عزيزتي ريم- اسم ابنته- اكتب إليك هذه الرسالة و أنت لم تتعامى الكلام بعد لا أحد يعلم ما الذي قد يحدث في الغد ..{ثم فاصل من الابتزاز العاطفي للقارئ }.. أحبك قوى يا ريم، مثلما أحب مصر يجب أن تحبي مصر يا ريم ..{ ثم فاصل من الابتزاز لمشاعر الجماعة و الوطنية للقارئ} .. التوقيع بابا حبيبك)) ثم ينشرها في جريدة ما و بعد ذلك في كتب يضم أعماله الكاملة.. أقول لك يا ريم أن هذا خراء, و أبوك لن يفعل ذلك و لن يكتب أبداً هكذا.
سوف نتناول النبيذ معاً و حينما تكبرين سوف يكون دخلي المادي أكبر بشكل يسمح لنا أن نذهب سويا لتعلم الرقص و سوف أخبرك باعترافاتي السرية التي لم أطلع عليها أحد، بداية باكتشافي العادة السرية و انتهاء برأي في المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية، سأحكي لك عن الخليل الكردي الذي يحمل خطأَ الجنسية السوري و جمال الكشميري الذي يحمل خطأ الجنسية الباكستانية، و أحمد عبد الله الذى سيصبح وقتها لاعب كرة قدم أكثر شهرة من عماد متعب، و حماده الاسكندرانى، و حودة الجامد، و تامر تموره و عمو فادى و خالتو منى، حاتم العماوى و البطوطى و بالطبع الريس مهابوف، سنمضي وقتاً طويلاً و أن أحكي لك عن الأستاذ عبد الناصر و أقرب شخص لقلبي أحمد جيفو، و عبد النبي، و سعد القذر و نعمان المنذر، و هاجر، و سوسو الشهيره بثوثو، ربما جورج أو عادل أو يارا أيضاً لكن من المؤكد أن سأحكى عن بنش الصعيدي الطيب، و آل غربية و علاء و منال و سمورة التائه في أدغال شاشة حاسوبه المحمول و نيرمين الودودة التي تعرف كل شخص، و جاين الطيبة، و يسرا الشريرة، و نهال التي تظهر فجأة و تختفي فجأة.
سوف نمشي معاً في الدقي و ستستغربين لم أحب هذا المكان، و إذا كان لا يزال حياً سوف أحدثك عن شريف و عبس و الساكن بين عيونى إيهابوف و بابا i.b، شادى، المليجى، الوكيل، الغمري، ممنوخ، حمكشة، السلطان، فوكس، الحاج راضي، أما الأخير فهو يخاف على حياته الخاصة لذا لن أتحدث عنه و أمك سوف تحكى لك عن شيراز و ليالي المنصورة.
هؤلاء هم أهلنا مثلما قال لينين، هذه العبارة الشعرية التي تسكن القلب محملة برياح المحبة كيف توصل لها هذا المحمل بثقل الأيدلوجية و جماعية الخطابة.. هؤلاء هم أهلنا.
آه حكايتي شرح يطول.. فأسمعي و أنصتي فأنا اكتب بلغة لن تريثها منى، و لن يكتب مثلها أحد بعدى، ليس لأني عبقري، بل لأنه ليس بالإمكان أن يعبر أحدهم النهر مرتين.
الحب
((أنت شايف الحب كله\ عيونى و همس\ لكن أنا شايف\ أحلى كلام عشاق يا حبيبي\ هو كلام الشفايف\ أنت ..)) هكذا غنى عبد الحليم حفظ في نبتدي منين الحكاية يا ريم . بإمكاني أن أكتب لك مجلدات ضخمة عن الحب لكن لا شيء قد يصل لقلب النار و مثلما كتبت قبل ذلك ليس بإمكاني أبداَ أن امسك الحب أو أعرف كينونته، من منكم يستطيع أن يصل لجسد الحب أن ينشب أظافره في لحمه، أن يجرح ساقه بسكين أو موس، أن ينزع قلبه أو يشوه وجهة… من منكم كذلك فليرمني بحجر و يكتب لريم.. هكذا يجب أن تقرأي الحب و أن تشاهديه.. خدعة لم يصل أحد لجسده أو يحدد وجوده، طبعاً ستجدي كلامي حديث أب مخرف، و في الأغلب لن تأخذي به… خوضي التجربة إذن و اركلي العالم في الحائط حتى ينزف أو ينكسر الحائط .
أمك الآن نائمة و أنت كذلك.. الأطفال في شهورهم الأولى ينامون بعمق لفترات طويلة، هكذا يقول الكتاب الطبي، الكتلوج الذي استعين به في التعامل معك هذه الأيام… حقاً معلومة قيمة!!
الأطفال في شهورهم الأولى ينامون بعمق لفترات طويلة.. كان ينقصها إضافة عبارة مثل، و الآباء الغير متكيفين نفسيين –مثلى- يسهرون يفكرون ما هى حقاً مشاعر الأبوة.. آه كم أتمنى لو أمزقك أيها الحب..
البضان
الجيل الذي انتمى إليه من حقه أن يَفتخر بأنه صَاحب هذا المنجز اللغوي الحقير، أعنى كلمة بضان ، هذه الكلمةُ الغول الذي أكل كل الصفَات و الحَالات الشعورية السيئة، عند الغضب نقول بضان.. عند الحزن نقول بضان.. عن الملل نقول بضان.. في حالة الظلم برضه بضان.. الإحسَاس بالوحدة بضان.. الرفض بضان.. عند الاكتئاب بضان.. في النهاية أكل البضان اللغة و أكلنا معها..
أصبح الكل مُعتقداً أن الحياة بضان و الكثير منا فقد القدرة على التميز بين الملل و الاكتئاب فالكل بضان، هناك المرَادف اللغوي الأخر لتلك الكلمة الخَاصة بالفتيات اللواتي يحملن أخلاق البرجوازية الصغيرة و هو مَخنوقة شوية، في كل الحالات الأمر خدعة ابتكرها هذا الجيل أنجى بنفسك من النَارِ و البضان.
يا ريم أوصيك بالدقة لا الوضوح، اصدقي الحديث مع نفسك و أتقني اللغة فهي لعبة الحياة، حين تحسين بالملل قول أنا اشعر بالملل و حين تشعري بالاكتئاب قولي أنك مكتئبة، أبداً أبداً لا تسلمي نفسك للبضان.. عيشي الحياة بكل تجلياتها لكن لا تنخدعي أبداً بالبضان فما هو إلا مرض ابتكره هذا الجيل.. خدعه مثل باقي الخدع فما الحياة إلا خدعة، عمك طوربارا يرسل إليك بقبلاته.
أحمد
هاهااهاها.. هل تعلمى من المفترض أن اسمي كان سيكون تامر، لكن القدر و التقاليد العائلية جعلته أحمد على أسمى جدي و خالي الأكبر، تخيلي لو كان اسمك ريم تامر …هاهاها
هيه يا ريم، لم أحب اسمي و لم أري فيه أي جاذبية، أنه ليس متفرد، لا يثير أى اندهاش، تعرفي شخص غير متكيف مثل أبوك بحاجة دائماً للفت أنظار الأخرين ليس طمعاً في الشهرة و لا الخلود بقدر ما هو حاجة إلى الدخول في حياة الآخرين، المودة اللم. إليك سر أخر هل تعرفي هذا الاسم ألف .. ليس المقصود هنا الألف كعدد بل الألف كحرف الـ(أ) ، أنه أول حرف من اسمي، و بالإمكان استخدامه كاسم مستعار، لكن حين انتبهت لهذا اللفظ الجميل و الاسم الملفت كان هناك بالفعل من يحمله..
هيه يا ريم، استخدمت الكثير من الأسماء المستعارة طوال حياتى لكن و لأنه بالأمس سجلت اسمك هكذا ريم أحمد فها أنا منذ الآن اكتب بذلك الاسم و أحمله… أحمد
تصدقي اسم جميل يا بنت…في هيرمونيه برضه، أوعى تكوني مش بتعرفي ترقصي شرقي!!
الزمن
سنة و اثنين و تلاته و هووب\ و الحلوة بكرة هتكبر و تحب.
للأسف لم نشترى أنا و أمك كاميرا ديجتال بعد لكي ألتقط صورة لوجهي الآن، يجب أن تري الابتسامة الزئبقية المرسومة على وجهي الآن، ((الحلوة بكره هتكبر و تحب)) … أحــيه على المسخرة ما هذه الرومانسية التي و اللغة المتدلعه التي أكتب بها، كأني الست نعامه أو عصفور متدلع، ياه على الزمن.. من كان يتصور؟!
خافي من الزمن، و اتقي شره بأن تبتعدي عن المطلقات و لا تصدري أحكام قاسية على نفسك، فليس هناك من يعلم ما الذي يمكن أن يحدث، في مرحلة ما قررت أن لا استغرق في علاقة عاطفية أكثر من سبعة شهور و لا أعرف لماذا؟، ثم التقيت بها، و لم نفكر أبداً في الزواج، عشنا حياة طيبة و ألعاب ايروسيه مرحة و رغم العوائق الاجتماعية لم نتعرض لمضايقات تستحق الذكر ما الحاجة إذن للزواج، لكنه الزمن و هاأنت قد حضرت للحياة… الزمن، الزمن، الزمن.. هذا درس يجب إضافته لكتاب دليل الآباء في تربية الأطفال من سن يوم لثلاث سنوات، الحياة تتغير و أنا أتغير حتى أنت ستتغيرين و سنة و اثنين و ثلاثة و هووب\ و الحلوة بكره هتكبر و تحب
هدئ السرعة هنا توجد ريم
ماذا حدث يا أحمد؟
لما تَكتبُ هكذا؟ و لما تَري الأمور على هذه الطريقة، قلبك خفيف يا ولد، خفيف، و أضعف من قلب فتاة محجبة ، هذه الإنسَانيةُ و التسَامحُ الذي تُمارس به الحياة من أين أتيت به، اهدأ يا أحمد و تنشق رائحة ريم..