في ستينات القرن الماضي بدأ د.ويليام ماسترز وفيرجينيا جونسون أبحاثهم حول الجنس لدى البشر، وهى الأبحاث التى أحدثت ثورة في فهمنا للجنس ونتج عنها علاجاتهم المبتكرة لاضطرابات الدورة الجنسية لدى البشر.
توصل “ماسترز وجونسون” إلي التقسيم العلمى المعتمد للدورة الجنسية لدى البشر، وهى تبدأ بمرحلة الرغبة نتيجة حدث مثير جنسياً، ثم الإثارة أو “البلاتو” وهى التى تشهد انتصاب القضيب وزيادة الإفرازات المهبلية. كما رصد ماسترز وجونسون في تلك المرحلة بعد التغيرات البيولوجية كتغيرات لونية في الأعضاء التناسلية نتيجة تدفق الدم لها، تضخم الخصية لدى الذكر وارتفاعها، وتزايد الانقباضات في بعض عضلات الجسم خصوصاً الحوض والفخذين وزيادة النبض. ثم تأتى مرحلة النشوة أو “الأورجازم” كا يعرفها بعض البشر، في حين نبهنا ماسترز وجونسون أن بعض البشر لم يعرفوا “الأورجازم” في حياتهم فالجنس لهم ينتهى عند المرحلة الثانية “البلاتو”.
أخيرا تأتى المرحلة الرابعة والأخيرة وهى الإبراء أو بالانجليزية “Resolution”. وقد فحصها وحللها ماسترز وجونسون بدقة حيث رأوا أنها تنقسم لدى الذكر لمرحلتين في المرحلة الأولى يعود النبض إلي مستواه الطبيعي ويتقلص حجم القضيب المنتصب بنسبة 50%، وفي تلك المرحلة يمكن في بعض الحالات أن يعاود الذكر الانتصاب. أما المرحلة الثانية فيتضاءل حجم القضيب، ويؤكد ماستر وجونسون استحالة انتصاب الذكر قبل انتهاء تلك المرحلة. أما الإبراء لدى النساء فلا ينقسم لأى مرحلة، ويمكن للمرأة أن تصل للنشوة مرة آخري دون الحاجة للمرور بمراحل الإبراء المختلفة، بل وبامكان بعض النساء الحصول على رعشات متتالية بعد الرعشة الأولى.
أهمية دراسات ماسترز وجونسون أنها كانت أول دراسة معملية عن الجنس. توصل ماسترز وجونسون لتلك النتائج من خلال دفع المال لرجال ونساء لإجراء التجارب عليهم وتوصيلهم بآلات طبية للاستشعار وقياس النبض والمؤشرات الحيوية المختلفة ثم مراقبتهم أثناء ممارسة الجنس وتسجيل الملاحظات والمؤشرات الحيوية. ثم ذات مرة اقترح الدكتور ويليام ماسترز على مساعدته فيرجنيا جونسون إخضاع أنفسهم للتجربة المعملية وأن يقوما بالتجربة العلمية بأنفسهم ويمارسوا الجنس.
توماس ماير كاتب السيرة الذاتية للباحثين، يحكى أن الجنس بدأ بين الدكتور ماسترز ومساعدته بشكل مهنى بحت. كانا يوصلان الآلات بأجسادهم ثم يبدأون بممارسة الجنس، وتسجيل انطباعاتهم وملاحظاتهم بعد كل ممارسة. حتى تطور الأمر إلي الاستلقاء في حضن بعضهم البعض بعد ممارسة الجنس. ثم تطورت علاقة ماستر وجونسون بعد ذلك من العمل إلي علاقة غرامية كاملة، استمرت في السر لما يقرب عشرة أعوام قضي خلالها د.ماسترز مع فيرجينيا وقتاً أكثر مما كان يقضيه مع أولاده وزوجته، الزوجة التى اكتشفت الأمر في النهاية وطلبت الطلاق لينفصلا ويتزوج ماسترز بفيرجينيا. المهتم بمعرفة المزيد عن تفاصيل حكاية وأبحاث ماستر وجونسون يمكنه مشاهدة المسلسل التلفزيونى Master of Sex. لكن موضوعنا هنا هو المرحلة الرابعة من الدورة الجنسية لدى البشر، الإبراء حينما ينتهى الانفعال والإثارة، وتتبدد الغشاوة من على العين فتطفوا على السطح المشاعر والانفعالات الآخري. أو ما هو أفضل لا تطفو أى مشاعر بل يغرق الاثنان في حالة سلام صامت كما اللون الأبيض، وتتمنى لو بالامكان تمديد لحظة السلام والسكينة تلك حتى تصبح أبدية.
في فترة المراهقة حذرنى صديق من تلك المرحلة. كنا لم نتجاوز الثامنة عشر بعد، وكان صديقنا قد مارس الجنس أكثر من مرة، وبالتالي فدائماً ما استعرض معرفته العملية علينا، أو آثارنا بحكاياته ومغامراته الجنسية. ثم ذات مرة حذرنا أن ممارسة الجنس ليست كما تبدو في الأفلام أو كما يحكيها لنا. على حد تعبيره الذي لا يزال مطبوعاً في ذاكرتى “بعد الواحد بتحس بفراغ تام”.
هذا الفراغ هو ما يدفع البعض بعد ممارسة الجنس إلي البكاء والإحساس بالذنب والندم، فثقافتنا الإجتماعية الشرقية الحبوبة تصم الجنس بالنجاسة سواء تم داخل إطار الزواج أو خارجه. ممارسة الجنس والقذف تعنى تحول الانسان ذكر أو أنثي من حالة الطهارة إلي الجنابة وهو ما يتطلب الإغتسال مرة آخري. أما ممارسة الجنس خارج إطار الزواج فهى كبير من الكبائر تتطلب التوبة بالدموع.
بدأت قصة حب د.ماسترز وجونسون لأنهما مكثا في حضن بعضهما البعض بعد ممارسة الجنس، بينما هنا أعرف قصصاً تحطمت وتشوهت قبل أن تبدأ بسبب أن أحد الطرفين انفجر في البكاء بعد انتهاء الجنس لأنه لم يتحمل إحساس الذنب. آخرون لم يبكو لكن تملكهم إحساس الفراغ والاشمئزاز من النفس ومن الشريك، فكانت النتيجة إحتقار النفس واحتقار الآخر والتعامل مع الجنس كحمل ثقيل يسير به منتظراً الفرصة للتخلص منه مشمئزاً في أقرب حفرة.
يشوه الذنب مرحلة ما بعد الجنس وبدلاً من أن تكون مرحلة “إبراء” تصبح مرحلة جلد للذات تكفيراً عن ممارسة فعل بيولوجى طبيعي تمارسه كل الكائنات. وفي هذا السياق تتشوه كل الملذات، ويستحيل الحب إلا في إطار اعتباره مهمة مقدسة انجازها للآسف يتطلب فقدان الطهارة وإعادة الاغتسال والوضوء.
لا توجد حبة سحرية لتجاوز الأمر، وللآسف فدكتور ماسترز وجونسون لم يقدما لنا حلاً لتجاوز اضطراب الإنسان العربي المسلم في مرحلة الإبراء. لكنى أعدك يوماً إذا تجاوزت الذنب، إذا لم تقم فزعاً بعد النشوة من السرير، إذا لم تهرول للحمام بعد الجنس، إذا لم تشمئزى من السوائل التى تغطى جسدك وتسرعى بمسحها. خلف كل هذه الأشباح يوجد عالم آخر وسعادة لما بعد الجنس. توجد الحميمية بين إثنين التى قد تتسع لتشمل العالم، يوجد الحديث الذي يتعارف فيه اثنين عاريين على بعضهما البعض، يوجد تلك الحرارة التى لا توقظ نار الجنس ولكن توثق التواصل الانسانى لجسدين منحا الحب، ويستلقيا متعانقين بينما يغطيهم الوسن.
لا تسمح للذنب أن يركبك. ولا تنزع نفسك من شريكك. أمكث على الأقل مكانك وتمتع بمراحل عملية الابراء، من يدري ربما يكون هناك انتصاب آخر في الطريق وإن لم يأتى، فاستمع لنبض شريكك وانتظام نفسه. الآن وقد تخخفتما من حمل الاثارة الجنسية يأتى دور الحديث، التعرف على الأخر لا بصفته شريك جنسي. استكشاف الاحتمالات والفرص لمشاريع أخري، والأهم رى الحب حتى لا تذبل شجرته